الثلاثاء، 21 أبريل 2015

وظائف الحدود السياسية

ؤدي الحدود السياسية للدول عدة وظائف، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو دفاعي، ومنها ما هو ثقافي.

الوظيفة الأمنية



إحدى الخنادق الموجودة فيخط بارليف.


خط الحد السياسي لقطاع غزةمع مصر وإسرائيل، ويتحكم بهالمعابر من كل جانب لتحجيم العبور وتشديد المراقبة.
ارتبطت الوظيفة الأمنية بفكرة إنشاء الحدود السياسية الخطيّة، وكان الهدف هو تحقيق حدود آمنة بإقامة تحصينات عسكرية دفاعية، مثل خط بارليف التي حاولت إسرائيل تطبيقه لفصل سيناء عن مصر بعد نكسة 1967 حتى انهياره في بداية حرب أكتوبر 1973. ومع التطورات التقنية الحديثة في فنون الحرب وصناعة السلاح من حيث المدى والسرعة والفاعلية، سقطت نظرية الحدود الآمنة.
وكلما كان طول حدود الدولة قصيراً بالنسبة لمساحتها، كلما قل ذلك من أعباء الدفاع عن حدود تلك الدولة، ويحقق الشكل الدائري للدولة أقصر حدود سياسية ممكنة. وكلما انحرف شكل الدولة عن الشكل الدائري كلما زادت الأعباء الدفاعية من جراء زيادة طول الحدود السياسية، ويمكن التعرف على مدى الأعباء الإضافية التي تتحملها الدولة بزيادة أطوال حدودها بمقارنة طول الحدود الفعلية للدولة بطول حدودها النظرية في حال افتراض اتخاذ الدولة بذات مساحتها الدائري.

ولا تقتصر الوظيفة الأمنية الاستراتيجية للحدود على النواحي العسكرية، بل تمتد إلى النواحي المدنية، إذ تقام على الحدود المحاجر الصحيةونقاط التفتيش الصحي، وذلك لمنع دخول الأمراض القادمة من الخارج عن طريق الأفراد أو الحيوانات، والتي قد تصيب الإنسان أو النباتأو الحيوان داخل الدولة، ويمكن أن يُحدِث وباء واسع الانتشار.كما توجد على طول الحدود نقاط المراقبة لحماية أراضي الدولة من كل معتدٍ أثيم. وبذلك تمنع -نسبياً- دخول الأشخاص غير المرغوب فيهم وتحول دون هروب المواطنين منها لسبب أو لآخر.

الوظيفة الاقتصادية



أصبحت شبكة المعلومات الدولية لا تتأثر بالحدود، ويمكن أن يطلع أي شخص على أي ثقافة أخرى في العالم ويتأثر بها.
تحيط الحدود السياسية بالأراضي التي يحق للدولة استغلالها اقتصادياً، كذلك تحدد لحماية موارد الدولة المالية العامة كالتعريفات الجمركية والدعم السلعي والمواصفات والقواعد القانونية والرقابية، كذلك التفاوت الاقتصادي بين دولة وأخرى بسبب العوامل الجغرافية.وأيضاً لمنع تضارب مصالح الدول عند استغلال مواردها الاقتصادية في مناطق الحدود. فإنه ينبغي التدقيق في عملية تخطيط الحدود السياسية لمنع نشوب منازعات مع دول الجوار بشأن استغلال تلك الموارد، إلا أن تحقيق ذلك يصبح متعذراً أحياناً في حالة وجود موارد تمتد عبر الحدود، مثل وجود حقل بترول، كحقل الرميلة بين الكويت والعراق، وهنا تطرح بدائل لمواجهة تلك المشكلة، إما باقتسام العوائد الصافية للإنتاج، أو بتحديد حصص متكافئة من الإنتاج لكل دولة.
وتلعب الحدود دوراً مهماً في حماية النظم الاقتصادية المتميزة للدولة، وتنطوي تلك النظم على قوانين وسياسات تتعلق بالأجور وسعر العملة والاستثمار والتجارة الداخليةوالخارجية، كما تنظم تلك الحدود التبادل التجاري بين الدول بأشكاله المختلفة.

الوظيفة الثقافية

من الأمور المنوطة بالحدود السياسية تنظيم انتقال الأفراد والأفكار بقدر تنظيمها لانتقال السلع، وبالتالي فإن أحد أهم وظائف الحدود هو الحفاظ على الهوية الثقافية للدولة، بقدر حمايتها لمصالحها الاقتصادية، إلا أن هناك بعض الحدود السياسية التي ساهم في صنعها الاستعمار في الحقبة الاستعمارية التي رُسمت في واقع ثقافي لا يمت لها بِصلة، لأنها تركت حدوداً مصطنعة، وكيانات سياسية جديدة، لذلك كانت المشكلات التي خلفها الاستعمار معقدة ومتشابكة. فالمشكلات لا تعني الحدود السياسية فقط، بل تعني كل ما نتج عن تلك الحدود من كيانات سياسية وتكوينات اجتماعية. كالحدود التي تفصل بين الدول العربية مثلاً الذي هو في الأصل أمة واحدة مزقتها الدول الاستعمارية.
وقد ترتب على التقدم الكبير في تقنيات الاتصالات -وخاصةً الفضائيات- تحطم الحواجز الجغرافيّة والحدود السياسية أمام الوارد الثقافي من خارج البلاد، ولم يعد أمام الدول التي تحرص على الحفاظ على هويتها الثقافية إلا أن تتقدم في العلم لتقديم بديل ثقافي أرقى، أو لسد منافذ الاقتحام الثقافي والإعلامي الخارجي غير المرغوب فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق